...
لطبيعةُ صورةٌ تُجسِدُ الجمالَ، جمال ذاتِها، لننبهر بعظمة خالقها عبادةً، ونندمج في معالمها فضولاً، ونذوب حُباً في معادنها وصخورها لتذوب لنا عِشقاً. ما أجملَ الطبيعة! ما أجملَ جمال الطبيعة نفسه! جمالٌ مختلفٌ تماماً. مُجدداً، ما أجملَ الطبيعة بحالها وهيئتها ومعالِمها! نسير في صحاريها، نعتلي جبالها، نقفز على هضابها وتلالها، نتجنب وعورة حُفرها، فقط... لننبهر!

إيماناً بدور حاملي شهادة التخصص الجامعية في العلوم في جمع العلم ونشره ومشاركته مع الغير، متخصصين كانوا، أو غير ذلك من مُحبي وهُواة العلم ذاته. كذلك نظراً -وللأسف- لقِلة المحتوى العربي العلمي عامةً، وكذلك في العلوم الجيولوجية والبيئية بشكل خاص، فيأتي دور مُتخصصي ومُتقني التخصص المَذكُور سلفاً -أو أي تخصص آخر غيره أيضاً- في تبسيطه ونشره مع مَن يتلهفون لمعلومةٍ علميةٍ رصينة في علوم الأرض والجيولوجيا، وكذلك في العلوم البيئية.

إن جمع العلم، واغتراف المعرفة، وتحري دقة المعلومة، وتقصي حقيقة تلك المعرفة من خرافاتها، وصِدق النية في مشاركة العلم والتواصل العلمي مع مَن يريدون التعلُّم والمعرفة، لهو واجبٌ على كل ذي علمٍ في تخصصه العلمي كذلك، ومن باب أن صفة العلم الأساسية التي خُـلِـــقَ عليها هي التداول، لِذا فإنَّ تداول العلوم وتبسيطها وتوصيلها للغيرِ لهي مهمةٌ مزدوجةُ الصفة، فهي في حدِ ذاتها... شـيّـقـة وشـاقـة!

إن شوق تبسيط وتوصيل وتشارك المعلومة العلمية الصحيحة، رصينة المرجع، قوية المصدر، لهي مُتعةٌ خالدة، وامتنان للذات بأهميتها في المجتمع، وجزاءً كبيراً يعودُ على مُبسِط العلم ذاته في كونه نشرَ علماً، فكان ذا أثر.

العلوم الجيولوجية والبيئية ليست مجرد صخور وجواهر نفيسه فحسب! بل هي عمل بحثي وحقلي شيّق وممتع، يتوسطه دراسات وحسابات واستنتاجات علمية قوية، لتنتهي بفائدةٍ تعود على المجتمعين العلمي والإنساني. تعود على المجتمع العلمي بالخيرِ والنفعِ والفائدةِ في أنها تخلقُ روحاً من التنافسِ والتشاركِ المعلوماتيّ المعرفيّ بين أهل التخصص من الباحثين والعلماء، وكذلك الطلاب، إضافةً إلى مُحبي وهُواة العلم. أمَّا النفع العائد على المجتمع الإنساني، فهو حقاً كثير! فهي من تُنبِـهُـنا للزلازل والبراكين والأحداث الجيولوجية الجسيمة الخَطِرَة على البيئة وكذلك الإنسان، على سبيلِ المِثالِ لا الحصر، فتحمي أرواحاً من الموت الحتميّ كذلك، إما من تلك الأحداث أو لِـتَطرُف المناخات المختلفة في أصقاعِ الأرض المختلفة. كلُّ ما سبقَ جزءاً ضئيلاً من فوائدَ جـمَّـةٍ تفوقُ طولَ الجبال في نفعِها والعائدِ منها كذلك.

إنَّ مبادرة جيوفيليا لهي فكرةٌ مُبتكَرةٌ، فقط... من أجل إحداث فارق في المجتمع العلمي، ولا سيَّما العربي منه، لِقلة المعلومات العلمية الصحيحة! وهي محاولةٌ جادَّةٌ في خلق قنوات تواصل علمي بيننا وبين هُواة تخصص المبادرة، تخصص العلوم الجيولوجية والبيئية. كذلك سعياً لترسيخ مفهوم الصحافة العلمية في الأذهان، وممارستها بتبسيط العلوم حقاً لمَن ينتظر ذلك بالفعل، واستشعارها بالقلوب، فقط... لنترك أثراً طيباً.


متولي حمزة،
مصر، سبتمبر ٢٠٢٣